الحلقة الخامسة عشرة
استيقظ أحمد والد حمزة على اصوات صاخبة لأكواب تتحطم فى المطبخ ....انتفض من سريره ليرى ماذا حدث ؟ ليجد ابنه الصغير حمزة وهو يقف على كرسى صغير وهو يحاول ان يلتقط كوبا ليصب فيه الحليب وكالعادة حدث الدمار اليومى المتوقع .....
هم ابيه بتوبيخه ولكنه توقف لما رأى نظرة الأسف والخوف فى عيون حمزة فضمه اليه وهو يلومه : ليه يا حبيبى ما صحتنيش علشان أحضر لك الفطار ؟ انت كان ممكن تجرح نفسك !
فرد حمزة : انا اسف يابابا انا حبيت اسيبك ترتاح اصلك كنت نايم تعبان خالص .....
فقبله ابوه وهو يقول له : ولا يهمك يا كابتن يالا نحضر الفطار سوا ....فجمع شظايا الزجاج بحذرثم بدأ فى تحضير الافطار وحاول البحث عن اطباق نظيفة بلا جدوى فقد كانت مستقرة كلها فى قاع الحوض فى انتظار من يحنو عليها ويغسلها !!فاكتفى حمزة وولده بكوب من الشاى وبعض الكورن فليكس لحمزة توفيرا للوقت والمجهود !! ثم خرجوا الى الصالة فى محاولة لتناول الافطار فى مكان مرتب بلا جدوى فقد كانت فى حالة من الفوضى وكأن هتلر مر بجيوشه بها منذ قليل !!!
تذمر حمزة من الفوضى وقال لأبيه بعتاب : مش كنا جبنا شغالة تعيش معانا يابابا بدل الهيصة دى كلها ؟ انا بلاقى هدومى تحت السفرة او فى المطبخ !!
فرد أبيه : ازاى بس نجيب واحدة ست تعيش معانا واحنا اتنين رجالة بشنبات كده؟ ده حرام ياعم حمزة ! وبعدين ماهى عمتو سناء حتيجى بعد صلاة الجمعة ومعاها شغالتها وح تنضف البيت وتعمل لنا اكل كمان !!
فقفز حمزة قفزة مفاجئة وهو يهتف : هييييه عمتو سناء.. عمتو سناء !! انا مستنيها من امبارح انا حكيت لها على المعرض اللى رحناه الاسبوع اللى فات ووعدتنى انها ح تطلع لى هدوم قديمة من تحت السريربتاعنا وكمان ح تجيب لى هدوم من عندها وح تيجى معايا لطنط سلمى ....يارب عمتو ما تتأخرش يارب يارب !!
فقفزت الى ذهن أبيه صورة سلمى الهادئة الجميلة بطيبتها وصدقها وهى تلعب مع الاطفال ..وهى تحتضن ابنه بحنان حقيقى حتى قبل ان تعلم بوجود أبيه فى نفس المكان ....ذكره حنانها بزوجته الراحلة التى اختطفها المرض المفاجىء من بينهم لتترك ولدا يتيما وبيتا مهملا وزوجا حائرا لا يعلم كيف يحتضن ولده ويرعاه كما كانت تفعل .....
قطع افكاره صوت اذان الجمعة ليقوم هو وولده الى المسجد لاداء الصلاة ........ثم يعود ليجد اخته سناء ومعها الشغالة التى يبدو عليها كل اسبوع التبرم من اثار العدوان الثلاثى الاسبوعى الذى يخلفه حمزة وابيه فى الشقة ولا تبتسم الا عندما يجزل لها احمد العطاء كى تحن عليهم ولا تتركهم وكان يعلم انها تستغل موقفهم هذا وتأخذ ضعف ما تستحق ولكن ما باليد حيلة !!
دخل الى أخته سناء المطبخ ليجدها تبدأ فى اعداد طعام الاسبوع له هو وحمزة فقبلها وهو يشعر بالاحراج من ارهاقها الواضح وهم يهمس : معلش يا سناء تاعبينك معانا دايما وانتى مش ناقصانا كفاية عليكى ولادك وبيتك !!
فترد عليه بطيبة واضحة : عيب عليك يا احمد ما تقولش كده هو انا بقيت غريبة ولا ايه ؟
فيرد بحرج : لا ازاى يا حبيبتى هو احنا لينا حد غيرك ؟ بس كفاية عليكى تعب ولادك وبيتك وانا عارف كمان ان جوزك زهق من زياراتك لينا وانك بترجعى تعبانة من عندنا .....
فترد بسرعة : يا خبر ابيض اوعى تقول كده تانى احسن بجد أزعل منك ....ماهو انت لو تسمع كلامى وتتجوز واحدة بنت حلال كنت ريحتنى واطمنت عليك انت وحمزة !
فرد بشرود : ياااه !! اتجوز ؟ واجيب لحمزة مرات اب ؟ الله اعلم ح تعامله ازاى وحتكون رحيمة بيه ولا لأ؟ عارفة لو كنت لوحدى ما كانتش فارقة لكن انا صعبان على بهدلة الولد لأنى مش عارف أربيه زى ما كنت اتمنى ....ولا حتى عارف اقعد معاه كتير لأن شغلى واخد كل وقتى زى ماانتى عارفة ....اجيب بقى بنت الحلال دى منين ؟
فغمزت اخته بعينها وهى تقشر البطاطس : والله خلى حمزة هو اللى يخطب لك الاطفال مشاعرهم لا يمكن تكذب ....!!
فلم يفهم تلميحها وسألها : تقصدى مين؟
فابتسمت وقالت : ياسيدى ابنك قالب دماغى بقاله اسبوع على طنط سلمى اللى شافها فى المعرض الخيرى وقال لى انها حبته اوى وطلبت منه انه ييجى يزورها وانا حسيت من كلامه كده انها حنينة وصغيرة كمان فى السن واكيد مش متجوزة لأنها عاملة معرض خيرى يعنى غالبا ما وراهاش مسئوليات زى حالاتنا ....خلينى اشوفهالك مادام الولد اتعلق بيها بالشكل ده .......
فابتسم اخوها بحنان : خلاص بقيتى سناء كولومبوس ؟ قوام عرفتى انها انسة ومش متجوزة ؟
فردت بخفة دم : بذمتك انت فيه واحدة متجوزة تبقى رايقة وعسولة وتقعد تلعب مع الولاد كده ؟ دى مش بعيد لو كانت متجوزة تاكل العيال من الغلب اللى شايفاه من ولادها فى البيت !!
فضحك بصوت عالى وسألها : ولنفترض ياستى انها مش متجوزة حترضى تتجوز واحد ارمل وعنده كمان طفل ؟
فتقمصت شخصية الخاطبة وهى ترد عليه : والله النصيب بالله بس احنا نسعى ....المهم هى حلوة ؟ وعندها كام سنة وشكلها كده بنت ناس ولا ايه ظروفها ؟
فوجد نفسه يتحدث باعجاب وهو يصفها لأخته : والله هى وشها مريح وواضح عليها الطيبة والحنان لو تشوفيها وهى مع الاطفال الايتام تقولى عليها ملاك ...ولبسها محتشم مش زى بنات اليومين دول وعمرها فى اواخر العشرينات تقريبا ......
فأطلقت ضحكة عالية وهى تصفق بأيديها : الله الله !! واضح انك ما اخدتش بالك منها خالص !! على العموم صلى كده استخارة وانا ح اخد حمزة وناخد معانا شوية هدوم مش محتاجينها وأشوفها من قريب واجس نبضها وربنا يعمل اللى فيه الخير ........
فتساءل بدهشة :حتروحى تشوفى واحدة احنا مانعرفش اى حاجة عنها ولا عن اهلها معقولة دى ؟
فردت بنفاذ صبر : هو ده معقول ؟ انا مش ح انام النهاردة الا لما اعرف كل حاجة عنها وعن اهلها ولو اى حاجة ما عجبتنيش مش ح اتكلم معاها فى اى حاجة خاصة وبعدين شفتنى جبت المأذون على الباب ياساتر يارب على الرجالة يوقفوا المراكب السايرة !!
ثم اخذث رقم تليفون شقة شيماء المدون فى الكارت وأخذت تنتظر الرنين :
فردت عليها والدة شيماء لتخبرها ان البنات انصرفوا فلم تيأس سناء وطلبت منها رقم تليفون سلمى وأخبرتها انها تريدها فى امر هام فأعطته لها ثم انهت المكالمة .......ثم اتصلت ببيت سلمى لتجد صوتا مريحا يرد عليها فى التليفون وكانت هى سلمى نفسها فعرفتها سناء بنفسها بأنها عمة حمزة :
دق قلب سلمى بعنف من المفاجأة وهى ترد بارتباك : اهلا اهلا وسهلا ازى حمزة عامل ايه ؟ ده وحشنى اوى ....
فردت سناء : وهو كمان بقاله أسبوع مالوش سيرة غيرك وكان نفسه ييجى يشوفك ممكن ؟
فردت بارتباك : اه طبعا اهلا وسهلا ....بس .......
ففهمت سناء حيرتها وقالت لها : ما تقلقيش انا اللى ح اجيبه واجى لك أصلى عندى هدوم كتير لولادى وفرصة انكم بتجمعوهم ربنا يجازيكم خير ....ممكن اجى لك بكرة بعد العصر ؟
فذابت سلمى من الخجل وهى تهمس : تشرفى يا مدام سناء .....
ثم انهت المكالمة بعجل وهى تكاد لا تشعر بقدميها من الارتباك والفرحة فى آن واحد ....هل ما شعرت به فى الايام الماضية لم تشعر به وحدها ؟ هل يكذب عليها قلبها ؟ هل تبتسم لها الايام اخيرا ؟ ام ان الاوهام قادتها الى بعيد ؟ هل ...هل .....هل ......غدا ستعلم كل شىء وما ابعد الغد !!!! {.... توقيع elflestiny ....} |
|