يرويها الابطل على لسانة
كنت طالبا يدرس في مدينة القاهره في سنوات الجامعة الأولي ,شابا صغيرا لم يتجاوز العشرين
من عمره. تعودت السفر إلي قريتنا مرة كل بضع أسابيع أسافر مساء الخميس لأعود إلي القاهره
صباح السبت
كان القطار وسيلة سفري المفضله وكنت دائما أفضل قطار السابعه والنصف مساءً المتوجه إلي مدينة
دمياط في أقصي الشمال المصري
أستقل هذا القطار لأصل إلي مدينة المحله الكبري ومنها أستقل حافلة إلي قريتنا
في قطار الدرجه الثالثه فوق مستوي النوافذ أعلي المقاعد الخشبيه المتقابله يوجد رف خشبي متين
البناء مخصص لوضع حقائب الركاب. إلا أن صغار السن من أمثالي أنذاك من طلاب وجنود وعمال
من طبقة ركاب قطار الدرجه الثالثه كان يصعدون إلي رف الحقائب ويجلسون عليه وأحيانا نتمدد
عليه ويستخدم كسرير علوي
وقعت في عشق هذا الرف فقد كانت تنتابني نشوة غير عاديه عندما أصعد إليه وأتمدد مريحا الجسد
بعد عناء ثماني ساعات من الوقوف في حصتي عملي الكيمياء والتشريح اللعينتين وغالبا ما يكون
الجار علي الرف طالبا جامعيا أتعرف عليه ونبدأ حوارا في الدين و في السياسه وفي التعليم وفي أي شئ
يمنحنا مادة للحوار
ذات خميس كانت محطة قطارات القاهره مكتظة بالمسافرين لأنها نهاية الأسبوع ومناسبة السابع
والعشرين من رجب حيث يحرص الناس علي قضائها مع ذويهم حاولت أن أشتري تذكرة سفر
من شباك التذاكر وحال دون ذلك الزحام الشديد وإقتراب موعد قيام القطار فأسرعت رقضا إلي
قطار دمياط
ركبت القطار الذي كان كتلة من أجساد البشر المتلاصقه خليط من مواطني الدرجه الثالثه يمرق
وسط هذه الكتله بائع المياه الغازيه رافعا دلوا ملئ بالثلج وزجاجات المياه الغازيه يصنع ممرا
بين الناس دفعا وركلا وصفعا إذا تطلب الأمر.
بائع المياه الغازيه دفعني بعنف ركلني وأوسعني صفعا داس علي قدمي إنحنيت لأتحسس ماذا
أصاب قدمي فداس البائع علي عنقي ومر بسلام
برأت قدمي مما أصابها وتجمعت أجزائي مرة أخري ونهضت واقفا
ثم جاء بائع اللب فركلني ثم دفعني إلي جانب من جوانب الممر شكرا له فهو لم يصفعني ولم
يسبني كما فعل بائع المياه الغازيه والذي لم أحب أن أخبركم أنه سبني بأفظع الكلمات حفاظا
علي ماء وجهي وخوفا من أن تقرأ زوجتي أو أولادي هذه القصه فيظنون أنني كنت جبانا ولم
أستطع الزود عن نفسي علي عكس ما أحاول أن أبدو أمامهم شجاعا لا أتردد في منازلة أي
إنسان مهما كانت العواقب
لم يأتي بائع الأيس كريم والذي لم أره يوما في قطار الدرجه الثالثه ولم ياتي بائع الجرائد فقد
كان الوقت مساءً
أتي بائع الشاي الساخن .ماذا تقول ؟ الشاي الساخن! أنت تمزح
لا يا عزيزي القاريء أنا لا أمزح بل أنت الذي لم يركب قطار الدرجه الثالثه لذا فأنت لا تعرف
ما يحدث هناك من سلق
لم أري بدا وأنا أشاهد بائع الشاي الساخن يتقدم نحوي من أن أتحرك للأمام إلي وسط العربه
لعلي أتجنب ركلات وصفعات البائع إذا إستطعت العثور علي مكان علي جانب الممر
وبالفعل إستطعت الوقوف إلي الجانب أمام أحد المقاعد مباشرة
يا للهول ماذا أري
رجل طويل القامه نحيل الجسد يمسك براوية من روايات سعيد الكفراوي
لم أتبين عنوانها لا يهم لا يهم ليس هذا ما يثيرني
رجل أخر قوي البنيه يقف بيني وبين الرجل طويل القامه يبدو أنه عامل بناء تبدو عليه علامات
الغضب لا أعرف لماذا. لا يهم لا يهم ليس هذا ما يثيرني
ما أثارني أن المقعدين المتقابلين أمامي لا يجلس عليهما إلا رجلين فقط
كل رجل يجلس علي مقعد ويمدد رجليه إلي المقعد المقابل
في الأحوال العاديه يجلس ستة أشخاص علي المقعدين وفي يوم الخميس يجلس ثمانية أ فراد أو
يزيد إعتمادا علي الحاله الغذائيه للركاب
لماذا لا يجلس الواقفون ؟ سؤال لم أتوجه به لأحد .إنها فرصتي للجلوس حيث لا يوجد أي مكان
شاغر في رفوف الحقائب
سألت أحد الرجلين الجالسين
هل يسمح لي بالجلوس إلي جواره
نظر إليّ مستنكراً سؤالي وأشار إلي لوحة إعلان صغيره تتدلي من حبل صغير معلق في نافذة
القطار بين المقعدين مكتوب عليها مخصص لرجال الشرطه
نعم كانا شرطيين برتبة مساعد معهما حقيبه عسكريه كبيره مكتوب عليها بريد الشرطه أو شئ
من هذا القبيل
بدأت افهم لماذا هذا المقعد شبه خال
أحسست أنني أغبي رجل في القطار وأنني في حاجة دائما لمن يشرح لي الأشياء التي تبدو بديهيه
لبقية الركاب
لكن لماذا بقي رف الحقائب فوق مقعد الشرطيين فارغا
هممت أن أسال أحدا من الركاب فلم تكن لدي الشجاعه لسؤال الشرطي مرة أخري وخاصة أنه لم
يبدو سعيدا بسؤالي الأول
لكني لم أسأل أحد خشيت أن أبدو أكثر غباء أو يظن الركاب أنني فلاح يركب القطار لأول مرة في حياته
اه لو ظنو ذلك أو لو عرفو من أي البلاد أنا لاحمر وجهي خجلا حتي يصل القطار إلي المحله
لماذا أحمل نفسي ما لا تطيق من عناء التفكير في كل شئ. سأفعل مثلما أفعل كل مره سأصعد
إلي رف الحقائب وبالفعل صعدت إلي رف الحقائب حتي إستقر جسمي علي الرف قعودا وشاهدت
جميع الركاب ينظرون إلي في دهشة لا غضب فيها بينما ينظر إلي الشرطيان بغضب لا أستطيع
فهم دواعيه
هل أجرمت جرما هل تصرفت تصرف فلاح غشيم هل تلفظت بكلمة خارجه عن الذوق العام
لن أثقل علي نفسي تفكيرا لا ضرورة له
نزعت حذائي ووضعته علي الرف وفوقه حقيبتي كوساد ه واستلقيت ممددا علي الرف مستريحا
في قطار لا راحة فيه في هذا الخميس المزدحم
مرت بضع دقائق كنت أنظر خلالها للأسفل وشاهدت الشرطيين يتهامسان ووسط التهامس يعيرني كل
منهما نظرة خاطفه
أدركت الان دون أن أسأل أحدا أنني قد إرتكبت خطأ فادحا فما كان لي أن أسال الشرطي الجلوس علي
مقعد الشرطه وقد إزداد الطين بلة بصعودي إلي الرف فوق الشرطيين
ماذا أفعل هل أنزل من فوق الرف وأعتذر للشرطه إذن فيما كان صعودي سابدو ساذجا أو خائفا
لم أستمر طويلا في التفكير فقد قطعه أحد الشرطيين بالصياح ..يا حيوان التراب يتساقط
من حذائك علي رؤوسنا
لم أغضب لوصفي بالحيوان فأنا لا أري في كلمة حيوان سبا
[اسف يا حضرة الصول حاضر ما فيش تراب هينزل علي حضرتك تاني]
لم يكن هناك ثمة تراب يتساقط كانت مجرد محاوله لاسترجاع الإحترام للشرطه تجاوبت معها بالإعتذار
علي أمل أن يغفرو ليّ الجرأة عليهم
مرت ثلاث دقائق صاح بعدها الشرطي
يا حيوان التراب يا حيوان
أجبت: تراب إيه إنت بترمي جتتك
الشرطي:بارمي جتتي يا ابن الـــ......
أجبت : إنت إلــ إبن....
الشرطي: طاب إنزل يا حيوان يا إبن إلـــ
ونهض الشرطيان وقوفا
الشرطيان في نفس واحد : إنزل إنزل
أجبت : موش نازل موش نازل
وهنا جذبا ملابسي وحاولا إيقاعي عنوة من فوق الرف المرتفع بالقدر الذي لو سقطت من فوقه لأصابني
الأذي تشبثت بمكاني وهما يحاولان جذبي للأسفل وأدركت أنني لن أستطيع الثبات طويلا أمام قوة رجليين
شددين وأردت أن أتخلص منهما وكان وجودي في مستوي أعلي منهما يمكنني من المقاومه خلصت أحد
قدمي من قبضة أحدهما وعندما عاد ليحاول الإمساك بقدمي ركلته في وجهه بقوه فسقط علي الأرض
ثم ركلت الشرطي الأخر في صدره وهكذا رحت أدافع عن نفسي ركلا وهما يحاولان الإمساك بي وإسقاطي
وعندما أدركا ألا فائده من محاولاتهما تراجعا إلي الخلف ونزع كل منهما حزامه العسكري الثقيل وبدأا ضربي
بالأحزمه ضربا مبرحا وأنا أحاول أن أوجه ركلات بقدمي لا تصل إليهما
كانا يستخدمان الحزام بمهارة أدمت جسدي وبسرعة فائقه أثارت ألما تلو ألم وأنا أصيح فيهما سبا وتساؤولا
لماذا تضرباني؟ ماذا فعلت ؟ يا أولاد الكلب
ظل ركاب القطار صامتون يشاهدون ما يحدث ليّ حتي صاح الرجل طويل القامه الممسك برواية سعيد الكفراوي
فيه إيه سيبوه سيبوه سيبوه وأخذ كل الركاب يرددون سيبوه سيبوه كان صياحهم عاليا مدويا أنساني الألم المبرح
من جراء ضربات الأحزمه اللعينه توقف الشرطيان عن الضرب وجلسا وصاح عامل البناء فيهما كيف يجلسان في مقعدين كاملين ويتركون الناس وقوفا بما فيهم من نساء وجلس علي المقعد الخالي ودعا أخرين للجلوس فجلسو وسط صمت
الشرطيين ورضخوهما لرغبة الركاب
إستعدت موقعي علي الرف ومع إستمرار شعوري بالألم رحت أوجه السب للشرطيين دون أن يرد أحي منهم
علي السباب
حتي إستوقفني بائع المياه الغازيه الذي شاهد كل ما حدث بقوله [ خلاص خلاص يا أستاذ إنت أخذت حقك
وحق ناس كتير خذ واحده كازوزه عل حسابي هدي نفسك كفايه عليهم كده ]
ناولني زجاجة المياه الغازيه ومضي في طريقه ناظرا إلي غامزا بعينه اليسري
وصل القطار إلي مدينة المحله الكبري , نزلت في المحطه ونزل الرجل طويل القامه وفي يده رواية سعيد الكفراوي
ونزل عامل البناء وبينما القطار يتحرك مرة أخري شاهدت الشرطيان يجلسان بمفردهما علي المقعدين والركاب
الذين ركبو من مدينة المحله وقوفا يدفع بعضهم بعضاً كما كان الوضع عندما تحرك القطار من القاهره
{.... توقيع elflestiny ....} |
|
المـديـر العـــام
سجل فى : 25/10/2007 السٌّمعَة : 0
| موضوع: رد: قصة شعبية قصيرة الأحد 18 نوفمبر 2007, 11:55 pm | |
| سيتم ارسال رساله تفعيل الاشتراك الى البريد الذى يتم التسجيل به ولن يتم الاشتراك بالمجموعه قبل الضغط على رابط التفعيل بالرساله |
قصه جميله اوى يا فلسطينى بجد مش غريبه عليك كل مواضيعك روعه شكرا{.... توقيع ابن الاسلام ....} | |
|
|
رياضى جامد اوى
سجل فى : 03/09/2007 السٌّمعَة : 18
| موضوع: رد: قصة شعبية قصيرة الإثنين 19 نوفمبر 2007, 4:26 pm | |
| سيتم ارسال رساله تفعيل الاشتراك الى البريد الذى يتم التسجيل به ولن يتم الاشتراك بالمجموعه قبل الضغط على رابط التفعيل بالرساله |
شكرا ليك ياقلب العاصفة بجد منور مواضيعى كلها ومشجعنى بردودك {.... توقيع elflestiny ....} | |
|
|
المـديـر العـــام
سجل فى : 25/10/2007 السٌّمعَة : 0
| موضوع: رد: قصة شعبية قصيرة الإثنين 19 نوفمبر 2007, 4:51 pm | |
| سيتم ارسال رساله تفعيل الاشتراك الى البريد الذى يتم التسجيل به ولن يتم الاشتراك بالمجموعه قبل الضغط على رابط التفعيل بالرساله |
مواضيعك منورها بالى كاتبها ياباشا الف شكر{.... توقيع ابن الاسلام ....} | |
|
|
رياضى جامد اوى
سجل فى : 03/09/2007 السٌّمعَة : 18
| موضوع: رد: قصة شعبية قصيرة الإثنين 19 نوفمبر 2007, 4:59 pm | |
| سيتم ارسال رساله تفعيل الاشتراك الى البريد الذى يتم التسجيل به ولن يتم الاشتراك بالمجموعه قبل الضغط على رابط التفعيل بالرساله |
العفو يامان وشكرا ليك {.... توقيع elflestiny ....} | |
|
|
|
صفحة 1 من اصل 1 |
|
صلاحيات هذا المنتدى: | لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
| |
|
|