نظريات اللعب:
لقد حاول المربون البحث في منشأ اللعب وطبيعته، والسبب في تشابه ألعاب الأطفال الذين في سن معين دون اتصال بين هؤلاء الأطفال، والسبب في تعدد أنواع اللعب، كما أرادوا معرفة السبب في انكباب الأطفال عليه، وما إلي ذلك من دراسات تتعلق باللعب.
وفيما يلي عرض لأبرز نظريات اللعب، وهي:
نظرية الطاقة الفائضة (الزائدة): Surplus Energy:
وقد نادي بهذه النظرية كل من فردريك شيلر في سنة 1759م – 1805م، وهربرت سبنسر في سنة 1820م – 1903م، وتذهب هذه النظرية إلي القول بأن اللعب يكون عادة نتيجة وجود طاقة زائدة لدي الكائن الحي وليس في حاجة إليها.
إن اللعب هو تعبير عن تراكم الطاقة الفائضة، فمعدل النمو عند الأطفال عالِ، ولكنه لا يستنفذ كل ما يتولد لديهم من الطاقة فيدفعهم فائض الطاقة إلي اللعب.
إن حرمان الأطفال من الغذاء الكافي يؤدي إلي تبلدهم، ولكنه لا يوقف نموهم، فإن كان شديد الوطأة، فهو أيضًا لا يحول دون سير النمو في طريقه، ولكنه لا يتيح للأطفال فائضًا من الطاقة يجعلهم يلعبون ويمرحون.
ووفقًا لهذه النظرية فإن المشاعر الجمالية العليا ونمو الملكات الفنية ينشأ نتيجة لممارسة اللعب، وهذا كشف هام من الناحية التربوية، حيث أنه في هذه النظرية ينظر إلي اللعب علي أنه تنفيذ غير هادف للطاقة الزائدة عند الإنسان.
نظرية الغريزة ( نظرية جروس ):
تفيد هذه النظرية بأن لدى الإنسان اتجاهًا غريزيًا نحو النشاط في فترات عديدة من الحياة، فالطفل يتنفس ويضحك ويصرخ ويزحف، وينصب قامته، ويقف، ويمشي، ويرمي في فترات متعددة من عمره، هذه أمور غريزية، وتظهر طبيعته خلال مراحل نموه، ولهذا فإن اللعب ظاهرة طبيعية للنمو والتطور بلا تخطيط وبلا هدف معين كاستثمار وقت الفراغ أو الوقت الحر مثلاً، بل ويعتبر جزءًا من التكوين العام للإنسان.
نظرية الترويح: Recreation:
يؤكد جونس مونس، رائد التربية البدنية الأول في ألمانيا القيمة الترويحية للعب في كتابه ألعاب التدريب والترويح للجسم والعقل.
وتفترض هذه النظرية أن الجسم البشرى يحتاج إلي اللعب كوسيلة لاستعادة حيويته، فاللعب وسيلة لتنشيط الجسم بعد ساعات العمل الطويلة، وهو أيضًا يساعد علي استعادة الطاقة المستنفذة في العمل، وهو مصل مضاد لتوتر الأعصاب والإجهاد العقلي والقلق النفسي.
نظرية الاستجمام: Relaxation:
تشبه نظرية الترويح، حيث أن اللعب يحث الإنسان علي الخروج إلي الخلاء وممارسة أوجه نشاط قديم مثل: الصيد - السباحة - المعسكرات، ومثل هذا النشاط يكسب الإنسان راحة واستجمامًا يساعدانه علي الاستمرار في عمله بروح عالية.
نظرية الميراث (التلخيصية): Recapitulation:
وقد وضعها ج. ستاني هول في سنة 1844م – 1924م، وهي تفيد أن الماضي هو مفتاح اللعب، فلقد انتقل من جيل إلي جيل، فاللعب والألعاب جزءًا لا يتجزأ من ميراث كل إنسان.
فالمجتمع أنما يكرر الأشكال الأساسية للعب التي استخدمها القدماء، فابتهاج الأطفال باللعب وإصرارهم مثلاً علي تسلق الأشجار والتأرجح علي الأغصان يكشف عن بقايا الحياة البدائية لدي أسلافهم الأولين، وهذه النظرية كان لها تأثير فائق في تعميق الاهتمام بدراسة سلوك الأطفال في مختلف الأعمار.
نظرية الاتصال الجماعي:
يولد الإنسان من أبوين أعضاء في جماعة معينة ذات ثقافة معينة وطابع معين، وعلي هذا فإن الإنسان يلتقط أنماط النشاط التي يجدها سائدة في مجتمعه وبيئته، ومن الطبيعي أن يمارس الإنسان نفس الألعاب التي يمارسها سائر أعضاء الجماعة، فمثلاً اللعبة السائدة في جمهورية مصر العربية كرة القدم، وفى الولايات المتحدة الأمريكية اللعبة السائدة البيسبول، وإنجلترا الكريكيت، وأسبانيا مصارعة الثيران، والنرويج الانزلاق علي الجليد.
نظرية أدلر في اللعب:
يري أدلر، أن في لعب الأطفال مرآة لحاجات الطفولة، ويمكن إشباع هذه الحاجات من خلال النشاط الجسمي والتخيلي.
نظرية التعبير الذاتي:
وهي أحدث نظريات اللعب، وقدمها برناردس ماسون، فهو يشير إلي أن الإنسان مخلوق نشط ومع تكوينه الفسيولوجي والتشريحي يفرض بعض القيود علي نشاطه، ويضاف إلي هذا أن درجة لياقته البدنية تؤثر كثيرًا في أنواع النشاط التي يستطيع ممارستها وأن ميوله النفسية التي هي نتيجة احتياجاته الفسيولوجية وعاداته واستجاباته واتجاهاته تدفعه إلي أنماط معينة من اللعب.
والنظريات السابقة كلها لا تتنافس في تفسير اللعب وطبيعته، ولكنها تتكامل فتفسر كل نظرية منها مظهرًا من مظاهر اللعب، والمهم في الأمر كله من الجهة العملية التطبيقية هو أننا لو تناولنا أية نظرية فلا يمكن إنكار أن الميل للعب قوي وطبيعي وتلقائي، وهو بهذه الصفة أصبح من الوسائل الفعالة المستخدمة في التربية.
وقد ناقش براتيل، اللعب ونظرياته، ويري أن النظريات السابقة لم تعطى تفسيرًا شاملاً لوظيفة اللعب، ولكن الجميع يتفقون علي نقاط معينة في أن اللعب ما هو إلا تعبيرًا تلقائيًا عن السرور، فاللعب شأنه شأن أي نشاط إنساني آخر لابد له من دوافع.
واللعب في الطفولة المبكرة ناشئًا عن دوافع نفسية داخلية، فمعظم النظريات التي تبحث في أسباب اللعب تثبت أن طبيعة التكوين النفسي للإنسان هي التي توجه طريقة اللعب لديه سواء بطريق مباشر أو غير مباشر، فالطفل يتجه إلي بعض أنواع الألعاب لتناسبها مع ميوله وطبيعته وتحقق له اللذة والسرور، ويتطور نشاط الطفل في اللعب بتطوير نموه وميوله ودوافعه الكامنة، فمهما تعددت التفسيرات والنظريات، فاللعب هو سلوك ظاهري لدي جميع الأطفال ويكفي أن يسلم كواقع موجود له أهدافه.